ينتج الإنسان مجموعة من الأصوات بواسطة جهازه الصوتي حيث انه في كل احتكاك للهواء بين العضلات يخرج صوت مختلف, وهذا الهواء يأتي من الرئتين إلى الفم فينتج ما نسميه صوتا. في حين أن اللغة تتكون من مجموعة جمل مكونة من مجموعة كلمات و الكلمة مكونة من مجموعة أصوات وبالتالي يمكننا تعريف اللغة كمجموعة أصوات يعبر بها كل قوم عن مرادهم. واللغة صوت ومعنى فإذا حدث تبديل بين صوت في كلمة بصوت آخر اختلف المعنى أو اختل.

تختلف اللغات باختلاف الصوت ولحنه ونلاحظ هذا بشكل أوضح عند تعلمنا للغة جديدة حيث نصدم بوجود أصوات جديدة في اللغة التي نحاول تعلمها بعيدة كل البعد عن الأصوات التي نمتلكها فلا يمكننا إنتاجها أو نطقها, وحتى الأصوات التي تبدو متشابهة تثبت أنها مختلفة بتفاصيل دقيقة حيث لا يمكننا استبدال هذه الأصوات بتلك التي نعرفها من لغتنا الأم , لأن استبدالنا لهذه الأصوات بالأصوات التي نعرفها قد يؤدي إلى تغيير معنى الكلمة أو جعلها غير مفهومة وهذا بمجمله يجعل إنتاج الصوت الصحيح صعبا للغاية بداية إلا أن الممارسة المتكررة تمكننا من إخراج الصوت الصحيح بعد مدة. 

إن التحدث بلغتنا الأم لكثرة ممارستها لم يعد يتطلب منا التفكير في موضع الشفتين واللسان أو طريقة التفكير بتدفق الهواء من الرئتين لكن محاولة التحدث بلغة أجنبية جديدة يجعلنا ندرك أهمية إخراج الصوت الصحيح لبناء الكلمات والألفاظ.

في علم الصوتيات يدرس العلماء مخارج الأصوات وصفاتها ليحدد كل صوت فيما إذا كان شفويا أو لسانيا, شديدا أو ضعيفا. وتدرس الأصوات اللغوية من جانبين الأول علم الأصوات (الفوناتيك) والثاني علم وظائف الأصوات (الفنولوجيا) , حيث يدرس العلم الأول الأصوات كأحداث لها تأثير سمعي من دون البحث في معاني هذا الأصوات أي انه يعنى بالصوت كمادة لها خصائص وصفات ولا ينظر لقيمة هذه الأصوات في اللغة. أما العلم الثاني (الفنولوجيا) فيهتم بتنظيم الأصوات ومعانيها ووظائفها في اللغة. 

كما تصنف الأصوات في قسمين هما: الأصوات الصامتة والأصوات الصائتة ويعتمد هذا التصنيف إلى خواص الأصوات وأوضاع الأوتار الصوتية والطريقة التي يمر فيها الهواء من الحلق والفم والأنف لينتج هذا الصوت.

أما إذا أردنا التحدث عن ترميز الأصوات برموز كتابية فيجب علينا أن ننوه إلى أنه ينبغي أن تمثل الحروف الكتابية النطق تمثيلا دقيقا وهذا ما حاولت معظم الأبجديات مراعاته عند وضعها, والاختلاف بين المنطوق والمكتوب يعد قصورا في اللغة وهذه المشكلة تعانيها معظم الأبجديات ,إلى أن العربية تعد من أقل اللغات قصورا في هذا الجانب. ومن أمثلة القصور في الأبجدية العربية وجود أصوات تنطق ولا توضع لها رموز كما في كلمة (طه) و (هذا) و (هذه) ...الخ. 

وقد يجب التنويه هنا إلى خلط كثير من الناس بين الحرف والصوت, والفرق بينها أن الحرف هو ما يكتب أي الرسم المتعارف عليه وهو ما تكتبه اليد وتدركه العين ,فهو رسم هندسي يعرفه من تعلم القراءة ويكتبه من تعلم الكتابة , أما الصوت فهو الذي ينطق ولا تدركه العين وإنما يدرك بالسمع. 

كانت بداية علم الأصوات عند العرب قد بدأت بحاولة أبي الأسود الدؤلي لضبط القرآن بالنقط عن طريق ملاحظة حركة الشفتين وكان يقول لمن يكتب له: "إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف، فانقط نقطة فوقه إلى أعلاه، وإن ضممت فمي، فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت، فاجعل النُّقطة من تحت الحرف."

ليأتي بعده الخليل بن أحمد الذي قسم الأصوات إلى صوامت وصوائت ويواصل من بعد سيبويه فيدرس مخارج الحروف ويقسم الأصوات إلى شديدة ورخوة. وهكذا تواصلت جهود علماء العرب في دراسة علم الأصوات حتى نصل إلى أستاذ هذا العلم ابن جني الذي أدرك وظيفة اللغة حيث قال "اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن مرادهم."